كتب ريمون أبي تامر في “السيرة نيوز”
اقترب عيد الحب وارتفعت أسعار الورود الحمراء، وطغى اللون الأحمر على الأسواق المحلية. ولكن لسنا بصدد انتقاد البعد الإستهلاكي أو المادي لعيد الحب. انّما سنحاول أن نعرض وباختصار ماهية الحب كعلاقة تربط بين عاشقين. لذلك سنفند مراحل العلاقة الثلاث من البداية العاطفية الخام إلى الحب الذكي وصولًا إلى الحب الحقيقي.
نظرة فابتسامة فموعدٌ فلقاء، انها المرحلة الأولى، مرحلة المشاعر الجياشة والأحاسيس المرهفة بين الحبيبين حيث كل واحد يرى حبيبه كاملًا من دون أيّة شوائب وكأنّه ملاك متجسد، انها المرحلة الأكثر اثارة من حيث التعبير العاطفي والمحسوس.
احساس “الغمرة الأولى” والقبلة الأولى عندها يشعر الحبيبان أنّ الزمن قد توقف وأن لا مكان آخر سوى ذلك الذي يجمعهما ونتذكر أجمل الأغاني والرقصات الحميمة، وغالبًا ما تحمل هذه المرحلة الكثير من الذكريات الجميلة وفي بعض الأحيان قد تكون ذكرى مؤلمة للبعض. وبالرغم من ضرورة العاطفة للعلاقة ولإنطلاقها إلّا أنها ليست ضمانة لاستمراريتها، فهي كالبركان المتفجر يصب حممه ثمّ يعود إلى حالة الركود الكليّ. ما نحاول قوله إنّ العاطفة غير مستقرة ولن تستقر فهي متغيرة بطبيعتها. ولهذا نرى أنّ العديد من العلاقات تبدأ باندفاع وحماس ومشاعر وعواطف كبيرة ولكن لا تستمر لأن الفتور العاطفي دخل سريعًا إليها. يمكننا أن نستنتج اذًا أنّ المرحلة العاطفية ضرورية كانطلاقة ولكنها ليس الضمانة لاستمرار الحب.
أمّا المرحلة الثانية التي يكون فيها “الذكاء” وليس “العاطفة”، هو السمة المثيرة،
فعادةً ما يشعر معظم الأشخاص غير المتوافقين فكرياً بأن العلاقة كالجحيم في هذه المرحلة. فهذه هي المرحلة التي يبدأ فيها الحب العاطفي بلوغ مستواه الطبيعي المعقول أو التلاشي تماماً، وتصبح الآن أكثر تفاعلاً في المناقشات الفكرية، وتبدأ معها ملاحظة العيوب في شريكك، وتبدأ كل العيوب الخفية في مواجهة صدامات فكرية مفتوحة. ويطغى التشكيك والاعتراض في هذه المرحلة على افتراضاتهم السابقة ويؤكدون صحة ادعاءاتهم السابقة. إنها تلك المرحلة التي قد تنظر فيها إلى شريكك، وتصل إلى استنتاج خاطئ مفاده أنكما لن يكون لديكما مستقبل معاً. أولئك الذين يقررون البقاء معاً في هذه المرحلة يفعلون ذلك إما عن طريق الاعتراف بالعيوب أو التمسك بالأشياء الإيجابية التي جذبتهم إلى شريكهم في المقام الأوّل. تُعد هذه هي المرحلة الأكثر صعوبة في العلاقة، لأنها تتطلب إيماناً راسخاً وتقديم التنازلات والتضحية لكي تظل متمسكاً بشريكك. تكمن بعض التحديات التي قد تواجهها في المرحلة الفكرية، في المسائل المتعلقة بالمقارنات، وعدم الشعور بالأمان، والتعرض للإساءة، والعُقد (مثل عقدة النقص، وعقدة الشعور بالعظمة)، واتخاذ موقف دفاعي، وأزمة الهوية، وعدم التوافق والتدخُلات الخارجية. تتطلب كل واحدة من هذه المسائل أساليب مختلفة للتعامل معها، لكن جميعها يتطلب أن يُعزز الأحباء احترام الذات لديهم بصورة صحية.
المرحلة الثالثة والأخيرة هي الحب الحقيقي، أي الحب غير المشروط وغير المتملك وهو الحب الحرّ والمجاني. الحب الناضج الذي يجمع الحبيبين والذي يشكل ضمانة حقيقية لاستمرارية العلاقة التي قد تصل إلى الإلتزام الكلي من خلال الزواج. هذه المرحلة تتطلب نضوجًا عاطفيًا وانسانيًا وصراحةً مستمرةً وانفتاحًا كلّيًا بين الحبيبين و تواصلًا دائمًا. وهنا يعلم الشاب أنّه لم يختر الفتاة الأجمل والأذكى و”الأهضم” ولكن بالنسبة إليه من اختارها هي الأجمل في نظره والأذكى والأكثر اثارة. وكما الشاب الفتاة أيضًا، فلم تختر الأقوى والأغنى لكنّها ستجد من هو أجمل وأغنى وأقوى. ولكن بالنسبة لها اختارت الأجمل والأقوى والأغنى. مرحلة الحب الحقيقي هي مرحلة الخيار اليومي لهذا الحب وقبوله والتعايش معه وليس من باب الواجب أو العادة البتة انما من باب الحرية الحقيقية التي قبلت وتبنت وعاشت هذا الحب الحقيقي.
ويبقى على كل عاشق وعاشقة أن يختبر حقيقة حبّه لا بعواطف وحسب ولا بهدايا رمزية ولا بأشعار وكلمات جميلة، انّما بحرية خيار حقيقي لحب عميق مستمر يقبل الإختلاف ويتعايش مع النقص الكامن في الشريك الآخر. وعلى أمل انتصار الحب الحقيقي في كل علاقة بين عاشق و عاشقة… “كل عيد حب وانتم بخير”.