Home / أخبار هامّة / أرقام صادمة.. الهجرة تخطف الشباب اللبناني ومخاوف من خسارة “الكفاءات”

أرقام صادمة.. الهجرة تخطف الشباب اللبناني ومخاوف من خسارة “الكفاءات”

كتب شربل صفير في “السيرة نيوز”:

 

كثيرة هي التقارير والدراسات التي تتحدث يوميا عن موجة هجرة كبيرة يواجهها لبنان نتيجة لجوء عدد ليس بالقليل من شبابه للعمل في الخارج، في ظل أسوأ أزمة إقتصادية ومعيشية تضرب البلاد، علّهم يرسون على بر أمان في أي بلد يحفظ كرامتهم الإنسانية وحقوقهم الأساسية.

ومع غياب الحلول السياسية، واعتماد مبدأ الترقيع بدل الإصلاح، ها هو لبنان يصبح اليوم بلداً عربياً ميّالاً للهجرة، حيث ينتشر قسم من شبابه على مساحة الكرة الأرضية، فيما ينتظر القسم الآخر فرصة تنقذهم من واقع مرير ينهش طموحاتهم.

 

أرقام قياسية

 

وبحسب “الدولية للمعلومات” “تقف الأزمة الاقتصادية والمالية والمعيشية التي يشهدها لبنان، وراء ارتفاع أعداد المهاجرين والمسافرين بحثا عن فرصة عمل يفتقدونها في وطنهم، أو عن خدمات حياتية أساسية أصبحت شبه معدومة من الكهرباء والمياه والصحة والنظافة”.

وفي هذا السياق، يؤكد الباحث في الدولية للمعلومات ، محمد شمس الدين، في حديث لـ”السيرة نيوز”، أنّه خلال العام ٢٠٢١ هاجر نحو ٨٠ الفا من بينهم ٥٦ الفا من فئة الشباب، ويضيف شمس الدين، أن “هجرة وسفر اللبنانيين هي مسألة قديمة تعود للعام 1854، وحينها كانت الأوضاع الأمنية والاقتصادية تدفع باللبنانيين الى الهجرة والسفر بحيث بلغ عدد المسافرين والمهاجرين والمقيمين في الخارج نحو مليون و300 ألف لبناني ولبنانية أي ما يعادل ربع الشعب اللبناني”.

ويبيّن أنه “خلال السنوات القليلة الماضية وبسبب الأوضاع الأمنية والأزمات الاقتصادية ارتفعت الأعداد من 18000 عام 2017 الى 33000 عام 2018، إلى 6600 ألف عام 2019 وصولا الى 17000 عام 2020 نتيجة أزمة كورونا واغلاق المطارات، وبالعام المنصرم 2021 الى شهر نوفمبر- تشرين الثاني وصل العدد الى 77000 لبناني، ودائما كانت نسبة 70% من هؤلاء المهاجرين هم من الفئات الشابة ما بين 20 و40 عاما، لأن هذه الفئة ترى ان المستقبل مقفل وفرص العمل معدومة البطالة كبيرة وبالتالي يكون السفر والهجرة هو باب للخلاص من الأوضاع الاقتصادية الصعبة الذي يعيشها في لبنان”.

 

عوامل عدة

 

أسباب عدة تدفع اللبنانيين إلى مغادرة وطنهم، على رأسها تفاقم الفقر، فبحسب المعالجة النفسية، ريتا عطالله، فإن لبنان يمرّ بمرحلة حسّاسة وتتميز بعدم الإستقرار، وهذا بطبيعة الحال ما يشعر به معظم اللبنانيين، نتيجة عوامل عدة بدأت تظهر بوضوح خلال “ثورة تشرين” عام 2019 وظهور وباء كورونا وما تبعه من إرتفاع حاد بالغلاء المعيشي أدى إلى تدهور الوضع الإقتصادي تدريجيا.

وتشير عطالله في اتصال مع “السيرة نيوز”، إلى أنّ هذه العوامل السلبية مجتمعة أدت إلى إرتفاع غير مسبوق في نسب الجريمة التي نشهدها يوميا في معظم المناطق، أضف إلى ذلك إنتشار آفة المخدرات على نطاق واسع لدى فئة الشباب العاطل من العمل وتنامي العدائية الزائدة لدى كثيرين.

وتشرح عطالله في سياق حديثها، أنّ نسبة الإضطرابات النفسية زادت بشكل ملحوظ، والسلوكيات المرضية وغير المنظمة، وهذا أدى بطبيعة الحال إلى فوضى معيشية هدّدت حياة كثيرين، ما دفع باللبنانيين إلى الهجرة بأعداد كبيرة بحثا عن مستقبل أفضل لهم، في بلد يحفظ كرامتهم ويساعدهم قدر المستطاع على تأمين مستوى معيشي لائق.

 

تفاقم الفقر

 

وبحسب آخر دراسة أصدرتها لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا “الإسكوا” أصبح “الفقر يطال 74 في المئة تقريبا من مجموع السكان.

وعند النظر لأبعاد أوسع من الدخل، كالصحة والتعليم والخدمات العامة، تصل نسبة الذين يعيشون في فقر متعدد الأبعاد إلى 82 في المئة من السكان، فيما بلغت نسبة الفقراء في العام الماضي حوالي 55 في المئة من السكان.

وتشير “الإسكوا” إلى أن ما أدى إلى ذلك هو الصدمات المتداخلة لسعر الصرف، الذي كان ثابتا منذ مطلع القرن، ما ولّد ضغوطا هائلة، فانخفضت قيمة العملة وارتفعت معدلات التضخم في الفترة من يونيو/حزيران 2019 إلى يونيو/حزيران من العام الماضي بنسبة 281 في المئة، فتدنى المستوى المعيشي للسكان اللبنانيين وغير اللبنانيين، وانتشر الحرمان”.

وقد وصل سعر صرف الدولار الواحد خلال الاسابيع الأخيرة إلى 33 ألف ليرة لبنانية، في حين أن الحد الأدنى للأجور بات يناهز 27 دولارا في الشهر.

وبغضّ النظر ما إذا كان سفر اللبنانيين إلى الخارج يُعد هجرةً وفق المعايير الاجتماعية، أو سفراً عادياً بهدف العمل في الخارج، فإنّ لبنان يخسر بحسب الخبراء أهم عناصر الإنتاج: اليد العاملة الخبيرة والتقنية، والتي سيكون لها دوراً محورياً في إعادة نهوض البلاد، ويبقى المطلوب اتخاذ القرار السياسي في الشروع بالإصلاحات للحفاظ على الشباب في بلادهم، وإشراكهم في عملية إعادة لبنان إلى السكة الصحيحة قبل أن تخطف الهجرة المزيد من الكفاءات.

شارك الآن

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*

x

Check Also

الشوف وعاليه.. جنبلاط يعمل جاهدًا كي لا يخسر مقعدين درزيين

كتب ألان سركيس في “نداء الوطن”: تعتبر دائرة الشوف – عاليه أكبر ...